الاخوان المسلمون ... من هم ؟ أصحاب حق ولا فزاعه ، تاريخهم ناصع البياض ولا ملوث بالتآمر تارة وبالصفقات مع النظام البائد تارة أخرى ، ليهم كتير في الشارع السياسي ولا أغلبيتهم المزعومة منفوخة بناس كتير متعاطفة معاهم علشان عمل الخير مش شغل السياسة ، جماعة سياسية تدعو للحرية والدولة المدنية والتداول السلمي السلطة ولا جماعة دينية اقصائية تنوي الانقلاب على الجميع وإقامة خلافة اخوانية. هل يبدون ما يضمرون أم هم مثل الغير مأسوف عليه حسني اللي كان بيتمسكن لحد ما يتمكن. هل هم الوجه الآخر لعملة تم إيقاف التداول بها شعبيا ورسميا بعد أن تم حرق مبنى الحزب الوطني المشبوه.
من زمان وأنا اشك واشكك في نوايا جماعة الإخوان المسلمين. أراقب تحركاتهم السياسية واجمع ما أمكن من معلومات عنهم وعن تاريخهم (من الكتب مش من المرشدين). ولا استطيع أن أنكر انبهاري بنجاحهم كجماعة استطاعت الاستمرار والنجاح رغم عداء كل الأنظمة الحاكمة التي عاصرتها بداية من الملك وحكومة الوفد وانتهاء بحسني وعصابة لاظوغلي. لا احد ينكر انه ما من حزب او جماعة سياسية تعرضت لاضطهاد مثلما تعرضت له جماعة الإخوان المسلمين. وكذلك فأنني لا اخفي تقديري لكثير من الشخوص الذين تقدمهم الجماعة كرموز مشرقة تجذب الناس من حولها وأكاد اجزم أنني قد تملكت مني كاريزما الشيخ محمد عبد العزيز في الانتخابات السابقة فقمت بدعوة الكثير ممن اعرفهم للتصويت له رغم سخطي الشديد على موافقة الجماعة على التقدم بمرشحيها لهذه الانتخابات التي قاطعتها كل القوى الوطنية حتى لا تعطي أي شرعية لمجلس نيابي يزور إرادة الشعب ولكن كبارات الإخوان وافقوا على ما يبدو أنها صفقة أخرى مع كبارات النظام على غرار صفقة 2005 التي خانهم فيها النظام في الجولة الثالثة وكبح جماح تقدمهم بالاعتقال بل وحتى بالقتل حتى لا يتمكنوا من احتلال ثلث مقاعد المجلس كما كانوا يخططون.
ولكن ولان السياسة لعبة بقاء بالنسبة للإخوان فهم وافقوا على اللعب مع النظام البائد بمنطق براجماتي بحت لا يمت للوطنية بشئ ولان النظام على أصله الواطي على طول الخط فهو لم يعطهم فرصة الـ 88 مقعد وغدر بيهم من بدري وكانت "آخرة خدمة الغز" ولا كرسي واحد ولا حتى جولة إعادة. ولان "الدقة عند أختها دين" زي ما بيقولوا الناس الواطيين فان جماعة الاخوان لم تنسى تارها وغدرت بالنظام في مرض موته ويالها من غدره. فبعد ان تخاذلت عن الدعوة للتظاهر واوحت لاصدقائها السلفيين بتحريم التظاهر لانه خروج على الحاكم وهذا ما اعقبه بشكل مريب الافراج عن كثير من منتسبي الجماعة المعتقلين بل والمحكومين باحكام نهائية في قضية الشعارات الدينية في الانتخابات الاخيرة (راجع صحف القاهرة ايام قبل 25 يناير) ، الا ان الجماعة ما لبثت ان تلونت وتحولت بشكل دراماتيكي فدعت وشاركت بكل ثقلها في التظاهر بل وفي الصفوف الامامية بعد ان حقق وطنيو هذه الامة المستحيلة المفاجأة الغير متوقعة للجميع وكسروا ارادة قوى الشر في مواقع ايام 25 ، 28 يناير الشهيرة. (راجع تصريحات د. عصام العريان بداية من يوم 22يناير وحتى نهاية الثورة ربما تستوعب ما اقول جيدا). والادهى من ذلك فان الجماعة قامت بدهاء وانتهازية لا الومها عليها بالحصول على صك الشرعية من النظام قبل موته بأيام فجلست في لعبة الحوار الشهيرة مع عمر سليمان في القصر الجمهوري لتخرج بعد ذلك لتدير ظهرها له وتقول له "لسه فاكر كان زمااااااااااااااان".
يرجع مرجوعنا تاني لموضوعنا ، هل الإخوان مصدر قلق على الثورة أم رصيد استراتيجي لها؟ سؤال مطروح للنقاش على المستوى الوطني بل والمستوى المحلي. على المستوى الوطني يقول المؤيدون للإخوان إن الإخوان المسلمين جماعة وطنية تدعو لقيام الدولة المدنية وتدعم الديمقراطية والحريات وتنادي بالمواطنة والمساواة ولا خوف ابداً منهم مادام هناك دستور يحكم البلاد ويضمن الحكم غير الجائر للأغلبية من خلال انتخابات تعددية لا تقصي أحدا عن الترشح أو الانتخاب. ويقول المعارضون إن للإخوان أجندات سرية وان الطابع السري لأنشطتهم وفكرة النظام الخاص تجعل وطنيتهم تأتي بعد جماعتهم وان الولاء المطلق للمرشد وقرارات مجلس شورى الجماعة بالنسبة لأعضاء الجماعة هو اكبر واهم من الولاء حتى للوطن (مازال القسم على المصحف والمسدس مشهد يثير حفيظة ومخاوف الكثيرين رغم انهم حذفوا المسدس مؤخراً) . وكذلك فإن جماعة الإخوان المسلمين بطبيعة تكوينها هي تجسيد لمبدأ الإقصاء فهي جماعة تجند منتسبيها بنفسها بمعنى انك لن تستطيع أن تتقدم بطلب لعضوية الجماعة فيقولون لك كباقي الأحزاب "أهلا وسهلا هات صورتين وامضي ع الاستمارة وفوت بكرة على امن الدولة" ، إنهم لا يفعلون ذلك بل إنهم هم من يختاروا الأعضاء ويجندونهم إن وجدوا في ذلك مصلحة للجماعة. وكذلك فكلمة "المسلمون" هي بحد ذاتها اقصائية فهي تقتصر من يكون أخاً على المسلمين دون المسيحيين وهذه نقطة الضعف القاتلة بالنسبة للجماعة ، كما أن كلمة "إخوان" تشير إلى التمييز بين الذكر والأنثى وهذا يتنافى مع مبدأ المواطنة واللي راح التحرير وشاف الدور اللي لعبته الحريم هناك مايقدرش يتكلم عن مجتمع ذكوري ولا يدافع عن عدم وجود سيدات في مكتب الارشاد.
أما على المستوى المحلي فبالرغم من ان لا شخص يجرؤ على الخوض في سيرة الشيخ محمد عبد العزيز فللرجل سيرة ناصعة البياض لا يستطيع ان ينكرها حتى خصومه السياسيين ، فان البعض يدعون بأن الإخوان لا يختلفون في تركيبتهم كجماعة عن أي عائلة من العائلات التي فازت بمقعد الدائرة فجلست بمؤخراتها الثقيلة على هذه المدينة فلم يسلم أهل المدينة مما يصدر عن تلك المؤخرات من عمايل وسخة والأمثلة كثيرة ولا داعي للتجريح بذكر الأسماء (سواء كانت هذه العائلات بحري ولا قبلي ولا من القرى).
الحق يقال ان هذه الجماعة ودورها في الحياة السياسية لابد وأن يناقش بعناية من الجميع ولكنني اعتقد واكرر اعتقد (يعني هذا هو رأيي الشخصي الغلبان قوي) إن القلق الزائد من الإخوان وتصويرهم كبعبع سوف يقفز على السلطة فيقوم بتدشين خلافة إسلامية وينشئ أجهزة قمعية ويسيطر بها على مفاصل الدولة بشكل سرطاني كما فعل الحزب المحروق ، كل هذا هو من قبيل المبالغات الساذجة التي يروج لها جرذان النظام البائد ولا يحاول الإخوان تكذيبها لان في ذلك مصلحة لهم ولانتشارهم ، فكلما كثر الحديث عنهم وكيلت لهم الاتهامات كلما استمع الناس لهم وهم يدافعون عن أنفسهم ويبكون اضطهاد النظام لهم رغم أن النظام خلاص مشي. إنني اعتقد أيضا أن الشيخ محمد عبد العزيز (وهو شخص مظهره كمخبره لا يظهر للناس غير ما يضمر) لن يسمح ابداً أن يكون له أتباع من المرتزقة والشبيحة والهليبه وشعر الباط كما فعل الآخرون.
أما ما يدعوني للقلق فعلا فهو ان الإخوان رغم إعلان التزامهم بمبدأ الدولة المدنية ودعوتهم للديمقراطية والحرية والتداول السلمي للسلطة وممارستهم السياسة على كل أنواعها ( نقابات ومجلس شعب وسواقين ميكروباص) إلا أنهم لم يحددوا موقفهم جيدا من السؤال الملح "هل انتم حزب أم جماعة؟" سيردون بأنهم حاولوا مرارا في العهد البائد ويصرون الآن على محاولة إنشاء حزب يمارسون من خلاله السياسة كباقي الاحزاب شرعي ( وليس عرفي) . فهل لي من هذا المنطلق أن أتساءل يا سيدي الشيخ محمد عبد العزيز (إن وفقك الله ونجحت في الانتخابات وخطيت برجلك اليمين من باب المجلس الموقر وقرأت دعاء الدخول) هل ستكون حينها عضو جماعة الإخوان المسلمين الذي اقسم على المصحف بالولاء التام للجماعة (وليس المصحف والمسدس زي زمان) ولا نائب حزب الحرية والعدالة عن دائرة ابوتيج الذي سيقوم بأداء قسم الولاء للدولة المصرية كعضو في مجلس الشعب في جلسة المراسيم الأولى؟ هل ستكون مشاركتك وعملك التشريعي والرقابي هو صدى للإرادة السياسية لمكتب الإرشاد (مثلما كان أداء احمد سعد وعبد الرحمن وكامل مكي واحمد متولي وصلاح شلتوت وغيرهم هو صدى لتوجيهات فتحي سرور واحمد عز) أم انك قد تختلف مع هوى الجماعة وتصوت ضده إن استشعرت بضميرك وعقلك أن ذلك الهوى ليس في مصلحة البلاد والعباد؟ هل ستكون محمد عبد العزيز الاخواني أم محمد عبد العزيز النائب عن الشعب؟ فشتان الفرق بين الشخصين يا سيدي. الأول له كل التقدير ولكنني لن انتخبه ابداً. أما الثاني فهو شخص افتراضي لن يكون موجودا على ارض الواقع إلا عندما تقوم الجماعة بحل نفسها وينخرط أعضائها وغير اعضائها في الحزب المزمع تأسيسه دون وجود أي قسم بالولاء إلا للدولة المصرية. إنني لا اشكك في وطنية احد خاصة الشيخ محمد فالرجل أنظف من ذلك بكثير ولكنني أريد نائب يمثلني وليس عضو اقسم على الولاء لجماعة ..... أي جماعة.